الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

حصار



حصار

صَاخِبٌ كلُّ شىءٍ ، ولا مُسْتراحَ ، كأنَّ الهديرَ مَعِى يَقْطُنُ

وَدَعَتْنِى المآذِنُ ، لكنَّ رُوحِىَ مِنْ عَصْفِ أبْواقِها تَشْطُنُ

وَسُئِلْتُ فحُوصِرْتُ كَيْلا أُفَكِّرَ : أَلدِّينُ أَبْقَى أم المَوْطِنُ

والإِذاعَاتُ تَدْوِى ، ويَزْعَقُ ناسٌ بلا مُوجِبٍ ، طَنْطِنُوا ، طَنْطِنُوا

وَسْطَ هذا الضَّجيجِ هُدوءٌ يُفكّرُ كَيْفَ نَموتُ ولا نَفْطُنُ

كيف نُذْعِنُ شيئًا فشيئًا لأَنْ يَطْرُدَ المالِكَ الأَرْضَ مُسْتَوْطِنُ

وَنُحِسُّ كأنَّ امْرَأَ القَيْسِ حينَ نُطَالِعُ دِيوانَهُ يَرْطُنُ

وكأنَّ جَلابِيبَ أَبْناءِ يَعْرُبَ – وَهْىَ مُعَطَّرَةٌ – تَعْطُنُ

ضَلَّ يا خَارِجينَ على الحَاكِمينَ مُبِينٌ لنا غيرَ ما يُبْطِنُ

فَلْتكونوا رِجالاً رِجالاً وكُونُوا ملائكةً بَعْدُ أَوْ شَيْطِنُوا

كُلُّنا فى الهَوانِ سَواءٌ ، فإنْ شِئْتُم الهُونَ أَضْخَمَ فاسَّلْطِنُوا

وَطَّنَ النَّفْسَ آبٍ على أنْ تَعِزَّ ، فَيَا أَدْعِياءَ العُلاَ وَطِّنُوا


الحسّانيّ حسن عبد الله

رسالةٌ من حائرْ إلى إمامٍ ثائرْ



هذه قصيدةٌ عن سلمان رشدي والخمينى . رأى كثير من العرب ، ومعظم الناس من غير العرب أن الخمينى أخطأ . وأرى أنه أصابَ . لكنى أرجو ألا يكون لهذا الخلاف الشديد فى الرأى أثرٌ فى تلقّى القصيدة من حيث هى شعر ، فليقبلها من يقبلها لأنها شعرٌلا لأنه معى ، وليرفضها من يرفضها لأنها ليست شعرًا ، لا لأنه ضدى . "
 وقد قِيلتْ فى أثناء الحرب الإيرانية العراقية التى دامتْ حوالى ثمانية أعوامٍ ، وبعد أن أهدر الخمينى دم سلمان رشدى فى محاولة لعقابه على إساءته لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
         
                              رسالةٌ من حائرْ
إلى إمامٍ ثائرْ

غَمُضْتَ حِينًا ، فجاءنا خَبَرٌ ، عَسَاهُ بعد الغُموضِ يَشْرَحُكَ
زَأرْتَ زأرَ الأسودِ فانطلقتْ كِلابُنا ، كالجرادِ ، تَنْبَحُكَ
حَكَمْتَ حُكْمَ الرِّجالِ فاضطربتْ أشْباهُها إذْ أَهَلَّ صَحْصَحُكَ
عَدَلْتَ عَدْلَ الرِّجالِ فاضطربتْ محاكمٌ ، لم تزلْ تجرِّحُكَ
أَوْقَدَ نِيرانَهُ أبو لهبٍ ، وفاتَهُ أنها ستلفَحُكَ
تَبَّتْ يَداهُ ، وتبَّ سادتُهُ ، ورَدَّ كيْدَ الظَّلامِ مُصْبَحُكَ
حَمَتْهُ حُرِّيَّةٌ مُغفَّلةٌ ، حَماكَها مُعْجِزٌ يُرَجِّحُكَ
لكنْ إلى أين يا خُطاهُ ، إلى أينَ ، أَحَمَّ القضاءَ مَجْمَحُكَ
ضاقتْ عليه الدُّنَى،فحيث سَرَى نالتْهُ فى حيثُ كان أَجْنُحُكَ
إِنْ أَفْرَحَتْهُ جوائزٌ ، فغدًا وَتِينُهُ نازفًا سَيُفْرِحُكَ
ويَأْسَفُ الغِرُّ إذْ أُحِيطَ بهِ ،هيهاتَ ، فى غير ذا تَسمُّحُكَ
أَحْسَنْتَ ، لكنْ يَحُوكُ فى خَلَدِى شىءٌ ، فهل يَرْحُبُنَّ مَنْدَحُكَ
أَقولُ إِنَّا – وأنْتَ سيدُنا - نسبّحُ اللهَ لا نُسَبِّحُكَ
طَمَحْتَ ، لكنْ أساءَ غايتَهُ ، وغايةَ التابعيكَ مَطْمَحُكَ
مَأْساتُنا جَمَّةُ الفُصولِ ، وأَلَّفْتَ فزادَ الخَرابَ مَسْرَحُكَ
وَضَعْتَ فينا رِماحَنا ، فمتى يَتوبُ مِن ذَنْبِهِنّ مَذْبَحُكَ
عدُّونا مِنْ هُنا ، وأنتَ إلى غيرِ نُحورِالعَدُوِّ مَرْمَحُكَ
كم رَدَّت الناصحين غَطْرَسَةٌ ، فعَلَّ فَوْتَ المُرادِ ينصحُكَ
سَلِيلَ سَاسَانَ لا نَسِيتَ إذا نَافَرْتَنَا أنَّنَا نُفَصِّحُكَ
مُحَمَّدٌ جَالِسٌ هُنَا، وَهُنَا يَجْلِسُ كِسْرَى، فَأَيْنَ مَطْرَحُكَ
يَا لَيْتَ شِعْرِى أَثَمَّ خَافِيَةٌ، أَمْ جَاءَ هَذَا الهُدَى يُصَحِّحُكَ
سَليلَ ساسانَ لا تُصِخْ لأبي لؤلؤةٍ ، قَرْحُنا سَيَقْرَحُكَ
ولم يَزَل ْ فى عُروقِنا غَضَبٌ للهِ – أَدْعُو- فهل سَيَرْبَحُكَ
وَدِدْتُ لو لمْ أَحِرْ بشأنكَ ، لو أتاكَ شَدْوِى أخًا يُرَوِّحُكَ
وَدِدْتُ لكنَّما أَبَى دَمُنا يَسيلُ بَحْرًا فلا يُزَحْزِحُكَ
تصدُّنى خُنْزَوَانَةٌ وَأَدَتْ مدائحى ، لو شَرَعْتُ أَمْدَحُكَ
ثُمَّ سَلامًا ، برغمِ ما قَدَحَتْ يداكَ ، أو يَنْتَويه مِقْدَحُكَ
شَقَقْتَ مِنِّى فُؤادَ مُلْتَئمٍ ، عَجِبْتُ لى مُعْجَبًا يُقَبِّحُكَ

الحسانيّ حسن عبد الله   

الاثنين، 7 ديسمبر 2015

أوَّلُ الغَيْثِ


أوَّلُ الغَيْثِ

كُنْ صديقي يا شِعْرُ إنِّي تَنَاءَيْتُ غريبَ الأسَى، وقَلَّ صديقِي
لَــــبِّ شَــــوْقًـــا إذا ارْتَوَى عــادَ يـَــــصْــــبـُــو فـــأَنَـــا وَاحِــدٌ وأَلْفُ مَـــــشُـــــوقِ
لـــم أَزَلْ عـــاشِـــــقًا سَـــمَـــاءَكَ حــــتـــى دَرِبَــــتْ أَجْــنُــحــي عـلى التَّـحْــــلِـيقِ
فــتَـــســامَــيْــتُ لَــــمْ يُــبَـــالِ تَـــســـــامِـــــيَّ حُــــــشــــودًا تَــــطَــــامَــــنَــــتْ لـــلـــنَّــعِــــيــقِ
والْــتَــقَــيْــنَــا الْـــتِـــقــــاءَ حُـــرٍّ بــحُـــرٍّ كَـــرِهَـــا الــعَـــيْـــشَ فـــي دِيَــــارِ الرَّقِـــــيــــقِ
غيرَ أَنِّي أمسيتُ أَخْشَى الجَهالاتِ على النُّبلِ والذَّكَاءِ العَريقِ 
يا رَفِــيــقِــي إنَّ الصِّـغَـارَ اسْــــتَـــبَــدُّوا فَـأَعِـــــنِّــي عــلى البَــلاءِ المُــــحــــيـــقِ
لَبِّنِي إنَّ في ضَــمِـــيـــرِي رِيـــاحًـــا طَــلَـــبَتْ صَــهْـــوَةَ الفَضـــاءِ الطَّـــلِـــيــــقِ
فُــكَّ عَنْـها الأَوْهَاقَ أُمْــضِ هُـــمـــومِي لا تَـدَعْــنِي كالـفَارِسِ المَـوْهُـوقِ
أَنْــظُـــرُ السَّـــاحَــــةَ العَـــظِــــيــــمَـــةَ تَخْلُو مِنْ بَنِيها العِظامِ، لا يا رَفِـيــقِـي
بَــدَأَتْ رِحْــلَتِي إلى مَــطْـــلَـــعِ النُّـــورِ فـــصَــبْــرًا عــلى صِعابِ الـطَّــريـقِ
الـــسَّـــنَـا المُــسْــتَــفِــيــقُ يَــعْــلُــو رُوَيْــدًا، لَــيْــتَــنَـــا نَـشْـــهَـــدُ اسْـــتِـــوَاءَ الشُّــروقِ

الأحد، 26 يوليو 2015

لكِ عَيْنٌ فأَبْصِري



لكِ عَيْنٌ فأَبْصِري

إلى ريمان


كَفْكِفِي الدَّمْعَ، لَنْ يَرُدَّ العَوادِي أَسَـفٌ مِـنْ شَـجِـيَّـةٍ، أوْ شَجِــيِّ
وأَطِلِّي على الـزَّمانِ عُـقابًـا، وانْـفِـرِي مِـنْ وَداعَـةِ القُـمْــــرِيِّ
وتَعَنَّيْ بِهـمِّ نَــفْسِـــكِ، لــكنْ لا تَـوَلَّـيْ عـنْ هَـمِّـنـا الأَصْــــلِـيِّ
لَكِ عَيْنٌ، فأَبْــصِــرِي نَـوْحَ بـاكٍ، وبَـوَاكٍ، في المَأْتَـمِ اليَـوْمِــيِّ
لَكِ عَـيْـنٌ، فأَبْصِـرِي ما نُـلاقِـي تَـحْـتَ نِـيـرِ التَّـقَـدُّمِ الغَـرْبِـــيِّ
يا ابْـنَـتِـي، يا ابْنَةَ المُروءةِ والحِكْـمةِ والمَجْدِ والهُـدَى النَّـبَــوِيِّ
إنَّما أَنْفُـــسُ الأَنـيـــسِ سِـــباعٌ يَـتَـفارَسْـــنَ، بالقَــنـا والقِــسِــيِّ
وبـأَقْـوَى مِـن السِّــلاحِ، بـدِيـــنٍ، ولِـســـانٍ- مُجَـاهِـدَيْـنِ- وزِيِّ
فإذا انْـفَـكَّـت العُـرَى في فَريقٍ ضَاعَ حَتْـمًا، في العَـيْلَمِ اللُّـجِّــيِّ
والــذي لا يُـعِـدُّ ما يَـرْدَعُ الـبَغْيَ- بدَعْوَى السَّلامِ- أغْـبَـى غَـبِيِّ
مـــا حِــوارٌ يَـدُورُ- بـاللهِ- مــا بَــيْـنَ شِــــيَــاهٍ وعَـالَـمٍ ذِئْـبِـــــيِّ
فاحْـذَرِي يــا ابْـنَـتِـي أسَـاتِـذةَ الذِّلَّـةِ فِـيـنـا، خَلائـفَ ابْـنِ أُبَـــــيِّ
واقْرَئِي يا ابْنَتِي، لتَجْتَنِبِي خَبْطَ الحَيارَى في الغَيْهَبِ العَصْـرِيِّ
اقْـرَئِـي يا ابْـنَـتِـي قِـرَاءَةَ حَـيٍّ يَـتَـحَـرَّى المَعْناةَ، لا غَــيْرِ حَــيِّ
لَـكِ عيْـنٌ فأَبْصِــرِي، لَيْـسَ شَـيْءٌ مِنْ بَـلايَـا تَـنْـوِيرِهِــمْ بخَــفِيِّ
ثُــمَّ شُــقِّي إلى العَـلاءِ طَـريقًا شُقَّ مِـنْ قَـبْلُ، مُنْذُ عَـهْــدٍ قَـصِـيِّ
سَـارَ فِـيهِ، كَـمْ سَـارَ فِـيهِ عـــلى لَأْوَائِـهِ، مـِــنْ كَـمِـيَّـةٍ وكَــمِــيِّ
فاعْـرِفيهِ، لتَـعْرِفِـي فَرْقَ ما بَـيْـنَ ضِـيـاءٍ أَصْـلٍ وضَـوْءٍ دَعِــيِّ
لَـيْـسَ هذا الـيَـوْمُ الذي أَنْـتِ فيهِ غَـيْرَ جُزْءٍ مِنْ غَابِرٍ مَـطْــوِيِّ
لَـكِ مَـاضٍ عَزَّتْ بِهِ دَارُ لَيْلَى، ومَغانِي لُبْنَـى وسُــعْـدَى ومَــيِّ
فاعْرِفـيهِ، وأَنْـكِــرِي أَنْ تَـكُـونِـي وَطَـرًا شَــائِـعًا لأَهْـلِ الـغَــيِّ
وعَزِيزٌ عَلَيَّ دَمْعُكِ، فاجْتَازِي الأَسَى، واصْبِرِي عَلَى المَقْضِيِّ
وإذا ما الزَّمانُ أَعْرَضَ عَـنَّا، فاحْــقُرِي مَنْظَرَ الكُسَى والحُــلِيِّ
وإذا مـا بَـكَـيْـتِ فابْـكِـي شَـــهِـيدًا، لا عَـلَى حَــظِّ وَالِـدٍ مَــرْمِيِّ
وأَسِــيرًا، ورُبَّــمــا غُـلِــبَ الـلَّـيْثُ عَـلَـى رَغْـمِ بَأْسِــهِ الـلَّـيْثِــيِّ
وأَجِـلِّــي ذِكْــرَى دِمَــاءٍ أُرِيــقَــتْ لتُـنَـجِّـيـكِ مِـنْ أَذَى الأَجْـنَبِيِّ
 يا ابْـنَـتِـي لَـسْـتِ بابْـنَـتِـي إنْ تَحَـيَّزْتِ لِلَاهٍ، أَوْ غَافِلٍ، أَوْ عَـمِيِّ
نُـوِيَـتْ نِـيَّـةٌ، وهـا نَـحْـنُ صَـرْعَـى لـقَــدِيـمٍ مُـسْــتَحْــدَثٍ دَمَـوِيِّ
فارْفَـعِـي هـذه الكَـمَائِــمَ وانْوِي، واعْـزِمِـي عَـزْمَةَ الكَـرِيمِ الأَبِيِّ
إنَّ دَاءً خَـــلْـــفَ الــضُّـلُــوعِ دَوِيًّـا، لا يُـدَاوَى بـغَـيْــرِ دَاءٍ دَوِيِّ
الحسَّاني حسن عبد الله