الأحد، 22 مارس 2015

تــَوْطئـــة



تــَوْطئـــة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاةُ والسلامُ على المرسلِ رحمةً للعالمين 
أمّا بَعْدُ فإن الغايةَ مِن إنشاءِ موقعِنا هذا أن يكون نافذةً أُطلُّ منها على أفقٍ تلبّد، والمأمولُ أن تكونَ بإذنِ اللهِ وعَوْنِه مَبْعثًا لبعضِ الضوء.
نحن مأمورون بألا نيأس من رَوْح الله، ولكنّا مأمورون كذلك بألّا نقنعَ بتفاؤلٍ مبهمٍ ساذجٍ؛ مأمورون بالعمل.
وهنا العقبةُ! ما العملُ؟! سؤالٌ يوشِكُ أن يكونَ على كلّ لِسان.
وواضحٌ أنه يكَاد يكونُ كذلك مِن شِدةِ الظلامِ الـمُعْتكِر بلا جواب، الحيرةُ ضاربةٌ أطنابَها،
والخوفُ مِن الآتى يخامرُ كلَّ ضميرٍ حىّ، ونحن إذَنْ فى خطر، نحن إذَنْ:
أمــــــــــةٌ فــــى خَطَــــــــر
هكذا هتفَ الأمريكان قبل أكثرَ من ثلاثينَ عاما، ولقد كُنا أوْلَى بأن نهتفَ الهتافَ نفسَه قَبْلَ مئتىْ عامٍ على الأقل.
لستُ مِن رجالِ السياسةِ، ولن أكون؛ كلٌّ ميسَّرٌ لما خُلق له.
لكنّ هناك سببًا آخرَ للإعراض الباتّ؛ أنى أُومنُ إيمانًا راسخًا بأنها بكلّ اتجاهاتِها ومذاهِبها ليست الطريقَ الصالح إلى العملِ الصحيح.
وإذا بقينا مسحورين بسرابِها فلن يكونَ نصيبُنا فى نهايةِ كل مطافٍ إلا مزيدًا مِن الظمأ. ربما قُلتم: لا مناصَ منها، أو إنها شرٌّ لا بدّ منه، لا بأسَ .قولوا ما شئتم، فلنْ يَثْـنِيـَـنـِى ذلك عن عَزْمى، إنّى مُوَلٍّ وجهى شَطْرَ جهةٍ أخرى، شطرَ الكنزِ الظاهرِ جِدّا والخبيئِ جدا، أعنى "اللغة" .
أزمتُنا فى جوهرها أزمةٌ "لغوية". نحن لا نتفاهم؛ لأنه ليست لَدَيْنا أداةٌ طيّعةٌ للتفاهم، تتيحُ لعقولِنا أن تعملَ عملَها المقدورَ لها بأمرِ ربِّها.
العربيةُ الفصحى تنحطُّ فى كلّ بلادِ العرب، والعربية ُ غيرُ الفصحى لا تَقْوَى على جَوْبِ المجاهلِ والنفوذِ إلى جوفِ الكونِ لاستخراجِ كوامِنه واستكشافِ بواطنِ الطبيعة. تلك مهمةُ لغةٍ أخرى أعِدّت لتكونَ مُلهِمةً لفذاذاتٍ شاء اللهُ لها أن تكون عاملًا مِن عواملِ نهضةِ هذه الأمة، ومِن عواملِ نهضةِ الأممِ الغربيةِ باعترافِ بعضِ الـمُنْصفين مِن علمائها. و تلك مهمةٌ صعبة. تلك هى العقبة!     
هُوجمت العربيةُ مِن قديمٍ، لأن أعداءَ هذه الأمةِ كُثْر، تألّبوا عليها مِن قديم، ولاتزالُ الحربُ مُسْتعِرة.
والواجبُ إذَنْ واضح. أنْ نعملَ عملًا نافعًا مقاوَمةً لمن يَبْغُون النيلَ منها، وترسيخًا لوجودِها، ودفعًا بها إلى حيثُ تَقْوى على تلبيةِ المطالبِ المتغيرةِ مع الزمانِ المتجددِ دائمًا، وحَفْزًا لأبنائها على إجادتها الإجادةَ التى تمكّنهم من أنْ يُفيدوا مِن تراثهم، وإنه لعريق، وإنَّه لَفخمٌ ضخمٌ، وإنه لمنطوٍ على الأصولِ التى لا بناءَ على غيرها،  ولا خيرَ إلا فى اعتمادِها والبدءِ منها.
ثم إنى أفتتحُ هذا الموقعَ بكلمةٍ كنتُ بعثتُ بها إلى ابنى ردًّا على رسالةٍ جاءتنى منه منذ بضعةَ عَشَرَ عامًا وكان فى باكورةِ دَرْسِه للغةِ يشكو مِن أنه لا يَقْدِرُ على متابعةِ ما يقرأُ وسرعةِ الفهم، لعلَّ ما فيها أو بعضَ ما فيها يكونُ ذا فائدةٍ باقية.
واللهُ المستعانُ ، وله الحمدُ على كل حال؛
الحسّانى حسن عبدالله