الأحد، 26 يوليو 2015

فَتْوَى لكنَّها مَرْفوضة



فَتْوَى لكنَّها مَرْفوضة

أَحِنُّ، يُرَفْرِفُ طَيْرًا بصَدْرِيَ عِنْدَ الغُدُوِّ وعِنْدَ المَبِيتْ
أرَاها هُنالِكَ، تُوحِشُنِي كُلَّ يَوْمٍ شَوَارِعُكُمْ والبُيُوتْ
فلا تَحْسَبُونِي إذا ما نَسِيتُمْ لأنَّ البِعادَ اسْتَطَال نَسِيتْ
أَتَانِيَ صَوْتٌ فَخِلْتُ- ولسْتُ الذي قدْ عَنانِىَ- أنِّي عُنِيتْ
ولَمْ يَدْرِ إذْ فَرِحَ الكَرَوانُ ولَعْلَعَ في الصُّبْحِ أَنِّي أَسِيتْ
طَلِيقٌ، يُكَلِّمُ خِلَّانَهُ وأُكَلِّمُ نَفْسِي، خَلَا وشَجِيتْ
ولَمْ يَدْرِ وَهْو يبثُّ الهَوَى ويَفْتَنُّ في البَثِّ أَنِّي هَوِيتْ
وما بِىَ أَنِّي- وإنْ كان وَعْرًا على المَرْء حَزُّ الجَفَاءِ- جُفِيتْ
وما بِىَ وَجْهٌ مَلِيحٌ، وفَرْشٌ وَثِيرٌ، ولَيْلٌ، ومِسْكٌ فَتِيتْ
ولَكِنَّ ما بىَ أنِّي مُرادٌ، ومُفْتَقَدٌ، ثُمَّ أنِّي  نُفِيتْ
إلى أَبَدٍ كُلَّما شِمْتُهُ تَنَاءَى، وخُلِّفْتُ نِضْوًا بَهِيتْ
وأَظْلَمَ، أَرْخَى السُّدولَ عليَّ، فلمْ أَرَ شَيْئًا كأَنِّي عَمِيتْ
أهَذي النِّهايةُ يا زائِري، أَقُدِّرَ لى الْعَيْشُ في بَطْنِ حُوتْ
بَقِيتَ لأَمْرٍ، وأمَّا أنا فقُلْ لي برَبِّكَ فيمَ بَقِيتْ
وُقِيتُ، وأَحْمَدُهُ أنْ وُقِيتُ، ولكنْ لأيِّةِ جَدْوَى وُقِيتْ
إذا كُنْتُ في كُلِّ يَوْمٍ أَمُوتُ، فقُلْ لي لماذا إذَنْ لا أَمُوتْ
سيُطْبِقُ يَوْمًا، فماذا لَوَ انِّيَ أَسْلَمْتُ سَقْفِيَ للعَنْكَبُوتْ
وفِيمَ الحَياةُ إذا طَرَحَتْنِي طُمُوحًا تَوَلَّى، وشَمْلًا شَتِيتْ
كَزِقِّ رِيَاحٍ، فَلَا أَنَا رَاجٍ، ولا أنا كَافٍ إذا ما رُجِيتْ
لَقًى، ذا يَدَيْنِ، وذا قَدَمَيْنِ، ولَكِنْ لَقًى، كَهَشِيمٍ بَتِيتْ
وَلِيتُ، وهَأَنَذا مُوثَقٌ، يُعَجِّزُنِي القَيْدُ عَمَّا وَلِيتْ
فَيَا نَفَسًا دَاخِلًا خَارِجًا فِيمَ أَنْتَ لَعَمْري إذا ما عَيِيتْ
ويا قَائِلًا إنَّنِي مُذْنِبٌ خَسِئْتَ، وسُقِّيتَ مما سُقِيتْ
عَلِمْتَ، ولَكِنْ حَسَدْتَ الضِّيَاءَ، وأَغْرَاكَ بي أَنَّنِي قَدْ رُمِيتْ
أَهَذِي النِّهَايَةُ يا زَائِرِي، أَقُدِّرَ لى الْعَيْشُ في بَطْنِ حُوتْ
أَلَمْ يَبْقَ لِي غَيْرُ أَنِّي دَبَبْتُ، وأَنِّي أُمِرْتُ وأَنِّي نُهِيتْ
وأَنِّىَ أَمْسَيْتُ أَضْغَاثَ حُلْمٍ، وأَنِّيَ أَصْبَحْتُ بَطْنًا وقُوتْ
وأَنِّي بَكَيْتُ على طِفْلَةٍ بلا سَنَدٍ خُلِّفَتْ، وبُكِيتْ
ألَمْ يَبْقَ لي غَيْرُ أَنِّي أُحِسُّ بِأَنِّي حُرِمْتُ وأَنِّي ضَنِيتْ
أَلَمْ يَبْقَ إلَّا الحَنِينُ، وإلَّا شَوَارِعُ مَذْكُورَةٌ وبُيُوتْ
أَلَمْ يَبْقَ إلَّا ادِّكَارُ مَنَاظِرَ طَيَّ الفَنَاءِ، إذَنْ قَدْ فَنِيتْ
وتَبًّا لصَبْرِي إذا ما رَضِيتُ بأَنِّي غُذِيتُ وأنِّي كُسِيتْ
وأَنْ أَتَقَلَّبَ بَيْنَ رِجَالٍ كَأَعْجَازِ نَخْلٍ، كَدَوْمٍ نَحِيتْ
صَهٍ أَيُّها الواعِظُونَ ودُلُّوا ظَمِيئًا على المَاءِ، إنِّي ظَمِيتْ
حَنَنْتُ لرَضْوَى، وأَوْلَى بكُمْ إذا لَمْ تَشُقُّوا الطَّرِيقَ السُّكُوتْ
أَشِيرُوا عَلَيَّ، ولَكِنْ خُذُوا بيَدَيَّ لأَشْعُرَ أَنِّي رُعِيتْ
وأمَّا الكَلَامُ الكَلَامُ فَمَحْضُ هَوَاءٍ، وعَنْهُ وعَنْكُمْ غَنِيتْ
إذا لَمْ يُنِلْنِي الدُّعَاءُ الرَّبِيعَ فَفِيمَ إذَنْ دُعِيَتْ عَشْتَرُوتْ
أَزِيحُوا الطَّنِينَ فَإنِّي مَشُوقٌ إلى رَكْعَةٍ رُكِعَتْ في قُنُوتْ
دَعُونِي وهَمِّىَ، أَكْبَرُ مِنْ مَوَاعِظِكُمْ هَذِهِ المَرْمَرِيتْ
دَعُونِي دَعُونِي إلى خَلْوَتِي، وإنِّيَ فِيها لَفِي مَلَكوتْ
ورُبَّتمَا انْفَتَحَتْ كُوَّةٌ، وجَاءَ الحَيَا فَجْأَةً ورَوِيتْ
ورُبَّتمَا هَبَطَتْ صَهْوَةٌ وطِرْتُ عَلَيْها إلى حَيْثُ شِيتْ
أَهَذِي النِّهَايةُ يا مُفْتِيًا يُزَيِّنُ لِي جَاهِدًا أنْ أَمُوتْ
ومَنْ للمَكَارِمِ، مَنْ للعَظَائِمِ، مَنْ للعِيالِ إذا ما بَلِيتْ
أَهَذِي النِّهايةُ، كَلَّا، وتَبًّا لهَذا المَجَازِ وهَذِي النُّعُوتْ
أَهَذِي النِّهايِةُ، كَلَّا، صَهٍ، سَأَحْيَا، سَأَصْبِرُ مَهْما لَقِيتْ
وما جَدَّ شَيْءٌ، فَلَيْسَ الذي أَصْطَلِي الآنَ أَوْجَعَ مِمَّا صَلِيتْ
سَأَحْيَا، ستَعْصِمُنِي مِرَّةٌ تَعَافُ التَّشَكِّي، وبَأْسٌ صَمُوتْ
سَيَنْفَلِقُ الصَّخْرُ يَوْمًا لِأخْطُو على غَيْرِ هَذا التُّرَابِ المَقِيتْ
ومازَالَ، مازَالَ عَزْمِي مَعِي، ولَيْسَ بضَاوٍ إذا ما ضَوِيتْ
وسَوْفَ يَرَاني غَدِي مِثْلَما رُئِيتُ، وأصْلَبَ مما رُئِيتْ
وسَوْفَ يَرَانِي لِدَرْكِ المَعَالِي، ولَيْسَ لِما آدَنِي، أَسْتَمِيتْ
وسَوْفَ يَرَانِي  ذُوُو الجَبَرُوتِ، وإنْ كَاثَرُونِيَ، ذا جَبَرُوتْ
وإن حُشِيَ النَّاسُ قَشًّا فإنِّي مَضَاءً وحَدًّا وجِدًّا حُشِيتْ
بُنِيتُ، فكَيْفَ أُهَدِّمُ نَفْسِي وقَدْ شَابَ دَهْرِىَ حَتَّى بُنِيتْ
ومَاذا أَقُولُ إذا عَاتَبَتْنِي عُيُونٌ على اليَأْسِ لَمَّا قَذِيتْ
وماذا أَقُولُ لرَجْعِ الصَّدَى وهْوَ يَدْوِي: تَخَاذَلْتَ لَمَّا ابْتُلِيتْ
سَأَحْيَا، سَأَحْيَا، سأَحْيَا، لأنَّ هُنالِكَ- تَحْيا- شُجَيْرَةَ تُوتْ
لِأَجْلِكِ رَضْوَى أَبَيْتُ السُّقُوطَ، لِأَجْلِكِ يا أُمَّ رَضْوَى قَوِيتْ
ولَوْ زَارَنِي بُكْرَةً كَرَوَانٌ سَأُخْبِرُهُ أنَّنِي قَدْ حَيِيتْ 


  الحساني حسن عبدالله