قَسَمٌ للقُدس مِنْ جيلٍ قادم
قِيلتْ هذه القصيدةُ منذ حواليْ خمسةٍ وثلاثين عامًا،
تأثرًا بكلمةٍ قرأتُها في جريدة "الأهرام" لمناحم بيجن، رئيسِ الوزراءِ
الإسرائيلي في ذلك الوقت. قال: "ستبقى القدسُ عاصمةً لإسرائيلَ إلى
الأبد". وظلَّ المعنى يترددُ طَوالَ هذه الحقبةِ على ألسنةِ خُلفائه، دون
أدنى مبالاةٍ بالمفاوضاتِ الدائرةِ حولَ السلام. قصيدةٌ قديمةٌ. لكنْ جدَّدتْها
المناسبة. جدَّدها استمرارُ البَغيْ و الصَّلَفِ والعُدوان، وعدمُ احترامِ المواثيق. جدَّدها
أنّا – فيما يبدو – لا نُخيف.
وللهِ الأمرُ مِنْ قبلُ ومِنْ بعد.
يَلُوحُ،
ها هو ذا … غَيَّرهُ الـهَـمُّ
يـلـوحُ،
فَـلتَنْحَسِرْ … يأيُّها الغـيـمُ
--
ها هو ذا
وَجْهُها … فَوْقَ مُصَلَّى عُمَرْ
كالنجمِ
، لكنّما … أَوْهَي سناهُ القَدَرْ
--
عينانِ
أوْمَضَتا … فانطبقَ الجَفْنَانْ
كيْلا
يسيلَ الأسَى … مِنْ وطأةِ الإذعانْ
--
ما هذه
النظرةْ … كأنها جَمْرَةْ
ذا كِبرُها
طاويًا …
عن الوَرَى سِرَّهْ
--
يا دَمعَها
ارْفَضَّ لا … يذهبْ بها الكَمَدُ
دعيهِ يا
أختُ، مَا … خَالٍ كَمَنْ يَجِدُ
--
دعِي الجَوى
ينْهَلّْ، … فربّما يَنْسَلّْ
آدَتْكِ
مسألةٌ، … وفي يديْنا الحلّْ
--
ها هو ذا
صوتُها …
أذَّنَ للفجرِ
اللهُ
أكبرُ مِنْ … طاغٍ و مُغْترِّ
--
فلَمْ يُجِبْ
محرابْ …
رجْعَ الصَّدىَ المنسابْ
وانــــداحَ
مُـخْـتَنِـقـًـا، … فالجْـنـدُ بالأبـوابْ
--
أقامَهمْ
أنَّنا …
ظِلٌّ لشيءٍ غابْ
أقامهمْ
عَرَبٌ …
أعياهمُ الإعرابْ
--
وأنَّ ثُوَّارَنَا …
محترفُو ثَوْرَةْ
وأننا –
كُلَّنا - … مُصفِّقٌ مُكْرَهْ
--
كانت
مناظرَنا، … فأصبحتْ حُلْمَا
يا غيبُ
نَبِّيءْ، تُرَى … أَنَلتْقي يومَا
--
القدسُ "كانت"
لنا، …
أسْرفتِ يا أيامْ
فهلْ بها
ما بنا، … أمْ سكنَ التَّهْيامْ
--
بَغَى
الذين بَغَوْا … قبلُ على موسَى
وظَلَّ
يشتُمهُمْ … - حتى قضَى – عيسىَ
--
لسنا
الذين رَمَوْا … بهمْ إلى المنفَى
هذي
مـديـنـتُـنـا … ألْــفًــا تَلَتْ ألْــفَـا
--
لـمـّا قَـصَـدْنـاهـا …
مـفـتـاحـُهـا لَـبَّـى
فـمـا
أردنـاهـا … مُـسْـلـمـةً غَـصْـبَـا
--
صُلْبانُها
خَرَجتْ … تستقبلُ الأَهْلا
مِنْ بَعْدِ
ما عَرَفتْ … أنـَّا بـهـا أوْلـَـى
--
عـلـى مـداخـلِـهـا
… سـيـوفُـنَـا خـَشَـعـتْ
وعاهَدَتْنا،
فما … خُنّا، ولا خَدَعتْ
--
وصاحَبَتْنا
فما …
كُنَّا سِوى الأبرارْ
هَلْ
أنكرتْ وُدَّنا … نحنُ- حُماةَ الجارْ
--
هَلْ
أضمرتْ نَأْيَها … كلَّا ، عَدَاها العارْ
ما كان
ذا رأيَها، … ذلك رأىُ النارْ
--
راحتْ
لهمْ يدُنا … تَسْعَى فَردُّوها
قُلْنا :
سلامٌ، وما … قلنا استبيحوها
--
لَجَّ
الغرورُ بهمْ … لأنهمْ قَدَروا
لأنهمْ أَمَرُوا … ونحنُ
نأتمرُ
--
بوحِي
لنا بُوحِي … يا قُبةَ الصخرةْ
أفضِي
إلى الريحِ، … ولوْ بما نكرَهْ
--
"مَنْ
أنتمُ ، وَيْحَكمْ، … ما هذه السَّكْرةْ
كأنما ضُرِبتْ …
عليكمُ الحَيْرَةْ
--
رأيتُكم
كَثْرَةْ … لكنْ بلا قُدْرَةْ
رأيتُكمْ
عَرَبًا … فَاتَتْهمُ الغَيْرةْ
--
جَهِلْتمُ
الإمْرَةْ … يا عاشقي الإمرَةْ
وأنتمُ أَعْبُدٌ … لا
أنفُسٌ حُرَّةْ
--
تركتُموني
هنا …
أمشِي على الشَّوكِ
تاريخُكمْ
وأنا …
في قبضةِ الشّرْكِ
--
أمسلمونَ،
إذَنْ …
جهلتمُ النُّسْكا
مَنْ ضَنَّ
بالنفسِ ما … صلَّى ولا زَكَّى
--
أمسلمونَ
، أَجَلْ، … لـكـنْ بـلا ديـنِ
حـتـى يـُجـَمِّـعَـكُـمْ … جـُرحُ
الـمـلايـيـنِ
--
ضاعَ دمٌ
سالَ مِنْ … أفـئـدةٍ شَـتَّـى
ألَـمْ
يئِنْ لكمُ … أنْ تُحْسنوا الموتا"
--
قلنا: حنَـانَـيـْكِ، … رفْـقًـا
بـعـيـنَـيـْكِ
يا قـدسُ
، يا قـُدسَـنَـا، … لبَّيْكِ لبيكِ
--
سنَلْتقِي
في غَدٍ، … برغْمِ ما تَشْكِينْ
ما دامَ
في رُوحنا … يَسْري صلاحُ الدينْ
--
إنَّ الأُلَى
صَنَعُوا … بِبَأْسِهِمْ حِطّينْ
لَـحـارِقٌ
دَمُـهُـمْ … أفـاعـيَ التَّوْهينْ
--
ذَلَّ
ترابٌ لهمْ، … وأذعنتْ سِككُ
أمـّا
عـزائـمُـنـا … فـلـيـس تُـنْـتَـهَـكُ
--
ما زال
في الإمكانْ … يا شَامُ يا لبنانْ
يا مصرُ
يا سودانْ … أبدعُ مما كانْ
--
وإنْ كَـبـا
يومُنا …
فما كَـبـا الأمسُ
لَطالما
غَرَبتْ … وأشرقتْ شمسُ
--
لن
نستكينَ ولَوْ … تَـهَـوَّدَ الـفَـلَـكُ
كلّا ، ولو
مَلَكوا … أضعافَ ما مَلَكوا
--
"للسَّلْم
قد جَنَحوا" … قُلنا: "كفَى زُورا"
لَطالما
ذبَحوا، … وهدَّموا الدُّورا
--
لو أَشْفَقُوا
أَشْفَقُوا … على صِبا يوسُفْ
ومَنْ أَثِـمْنَا إِذا … قيلتْ
لديْهِ : أُفّْ
--
يا آلَ
يعقوبَ كمْ … في جَوْفِكمْ مِنْ جُبّْ
يا وَرْىَ
أكبادِهمْ … مِنْ أينَ يأتي الحُبّْ
--
والليلِ
إذْ أَدْبرْ، … والصبحِ إذْ أسفرْ
لَـيَـطْـلُـبـُنَّ
غـدًا …
أنْ يـدخـلـوا خَـيْـبَـرْ
--
ستطمعُ
السِّكينْ … إذا جَرَتْ في لينْ
ولـم تُثِرْ
غَضَبًا … جنايـةُ الجانِـيـنْ
--
وليس
فيما كانْ … ما كان في الحُسْبانْ
ننسَى ،
وها هي ذي … عقوبةُ النسيانْ
--
كـانـتْ
لـنـا يـافـا … كـانـت لـنـا عـَكَّـا
والآن
مـاذا هـمـا … حـكـايـةٌ تُـحْـكَـى
--
نـاحـتْ
أغـانـيـنـا … تـقـولُ واأسـفـا
تـبـكِـي
وتُـبـكـيـنـا … عـلى الذي سلَفا
--
"كانت
لنا أوطانْ … – وتدمعُ العينيانْ –
يا عدلُ
أين الآنْ، … أين الذي قد كانْ!
--
لِغَيْرنا
الغيطانْ، … وزَهْرُها الرَّيّانْ
لـِغَـيـْرنـا
عَبَقتْ … نسائمُ الرَّيْـحَـانْ
--
نشتاقُ
يا ظِــلُّ، … نشتاقُ يا فــُلُّ
نشتاقُ
يـا وطـنـًا … ينْحَلُّ ينحَلُّ"
--
قُلنا: دَعُوا
الأحزانْ … لحائطِ المبْكَى
نخشَى يَـجِيئُ
زمانْ … يدكُّنا دَكَّا
--
الفُلُّ
لا يُؤْسَى … عليه والنِّسْرينْ
مصابُنا
أقسَى …
مِنْ أَرَجٍ مسجونْ
--
مصابُنا
الألحانْ، … وتافِهٌ فنَّانْ
غنَّى، وغادَرَنا … كالدودِ
والجُرْذانْ
--
مـصـابـُنـا
أَنَّـا … هُـنَّـا، وَلـَكِـنَّـا
كأننا –
مِنْ رِضىً … بالذلِّ – ما هُنّا
--
قُلنا:
دعوا الشكوَى، … العدلُ أنْ نقوَى
وابكُوا
الكرامةَ إنْ … تبكُوا على المأوىَ
--
كانـت
لـنـا يـافـا … كانـت لـنـا عَـكَّـا
قلنا:
قضاءٌ جرى، … لكن ْكَفىَ تَرْكا
--
أمّا
السلامُ فذا … لفظٌ بلا مَعْنَى
إِذْ
إنَّ كُـــلًّا على … ليلاهُ قد غَنَّى
--
قلنا: ومَنْ
لم يَذُدْ … عَنْ حوضِه يُهْدَمْ
والظّلمُ
طَبْعٌ، فَمَنْ … لم يَدَّرعْ يُظلَمْ
--
أمّا السلامُ
الذي …
لم يَحْمِه سَيْفُ
فهو
السحابُ الذي … بــدَّدَه صـيـفُ
--
إنّـا
سـواءٌ إذا … مـا سـنـَحَ القَـطْـفُ
فما عَفَفْنا
مُريدينَ، … ولا عَــفـُّـوا
--
حَمَائمُ
الأَيـْكِ لـم … تَـسْـتـحـرم الفَـتـْكـا
لو
استطاعتْ رَمَتْ … لـِتـمـنـعَ الأَيـْكـا
--
يا قدسُ
لنْ نبكِي، … يا قدسُ لنْ نبكِي
إنْ لم
يجئْ حقُّنا … طوْعًا، فبالسَّفكِ
--
والنَّجْمِ
إذْ ينحَلّْ … محمدٌ ما ضَلّْ
همُ
العدوُّ، غلا … عداؤُهمْ أوْ قَلّْ
--
ووالذي أَسْرَى … بعَبْدِه
في اللَّيْلْ
لَنَرجِعَنْ
قَسْـرَا، … بِرَغْمِ أنفِ الويلْ
--
والتينِ
والزيتونْ، … وطورِ سِينينا
والبلدِ الـمَأْمونْ،
… إنَّـا لَمُوفونــا
--
الحساني حسن
عبدالله